
فهرس المحتويات
في حياة كل إنسان تأتي لحظة ضعف، وزلة قدم، وطرق مظلمة سار فيها، ظنًا أنها مخرج، لكنها كانت مأزقًا. وقد يشعر بعدها أن العودة إلى الله صعبة، وأنه لا يستحق رحمته، وأن ذنوبه قد أغلقت أبواب السماء في وجهه…
ولكن، حين يقرأ هذه الآية:
“قُلْ يَا عِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا۟ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ” الزمر 53.
يكتشف أن كل ما كان يعتقده عن الله كان خطأً.
📖 الرسالة السماوية التي تهزّ القلوب
إن الآية التي أمامنا ليست مجرد وعد بالمغفرة، بل هي دعوة للحب والرحمة من الله، مباشرة إلى قلبك.

لاحظ كيف تبدأ الآية بـ:
“قُلْ يَا عِبَادِيَ“
تأمل هذا النداء الجميل!
“عبادي” — رغم الذنوب، رغم التقصير، لا زلتَ عبدًا محبوبًا لله.
ثم يقول:
“ٱلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ“
ليس فقط الذين أخطأوا، بل الذين أسرفوا، بالغوا، تكررت منهم المعصية… ومع ذلك يخاطبهم الله بلين ورحمة.
🌧️ حين تكون الذنوب كثيرة… لكن رحمة الله أكثر

أحيانًا يُحاصرنا الشيطان بفكرة قاسية: “لقد ارتكبتَ ذنوبًا كثيرة، ولن يغفر الله لك أبدًا!”. لكن هذه الآية تأتي كصفعة على وجه الشيطان، تقول له ولك:
“إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا“
جميعها!
كلمة تشمل الصغائر والكبائر، المتكررة والنادرة، الخفية والعلنية… كل شيء.
الله عز وجل لم يقل: “بعض الذنوب” أو “معظمها”، بل قال: “جميعًا“.
💭 من أين يأتي القنوط؟
القنوط ليس من الإيمان، بل من الجهل بالله.
من يظن أن الله لا يغفر له، قد نسي أن الله هو الغفور الرحيم، بل وصف نفسه في نهاية الآية مباشرة:
“إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ“
الغفور لمن عاد، الرحيم بمن تاب، بل يبدّل سيئاته حسنات إن أخلص التوبة.
💖 توبة لا تعرف المستحيل

تُروى قصة مشهورة عن رجل قتل 99 نفسًا، ثم ندم وأراد التوبة. فذهب إلى عابد فقال له: “ليس لك توبة”. فقتله، مُكملًا المئة!
ثم ذهب إلى عالم فقال له: من يحول بينك وبين التوبة؟
فأرشده إلى قرية أهلها صالحون فقال: اذهب إليهم.
فخرج يريد التوبة، لكنه مات في الطريق.
فتنازعت عليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إليهم أن يقيسوا المسافة، فلو كان أقرب إلى قرية التوبة لغفر له.
وكان أقرب بمقدار شبر… فدخل الجنة!
انظروا إلى رحمة الله، وإلى عظمة هذه الرسالة:
“لا تقنطوا من رحمة الله“
🌱 باب التوبة مفتوح ما لم تغرغر الروح
إن النبي ﷺ يقول:
“إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر” رواه الترمذي
يعني: طالما أن الروح لم تخرج، فباب الرحمة لا يُغلق أبدًا. بل إن الله يفرح بتوبة عبده أكثر من فرحة من ضاعت منه دابته ثم وجدها فجأة!
هل تدرك كم هو جميل أن يعود الإنسان إلى ربه؟
وكم من حياة تغيرت بسبب هذه الآية؟
☀️ بداية جديدة… تبدأ من القلب

“لا تقنطوا” هي بداية الطريق، أما نهايته فهي “الغفور الرحيم”.
التوبة ليست فقط ترك الذنب، بل تجديد للعلاقة مع الله، وكأنك تبدأ صفحة بيضاء، وربك يُقبل عليك ويحبك.
والله عز وجل وعد بالتبديل:
“إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًۭا صَـٰلِحًۭا فَأُو۟لَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًۭا رَّحِيمًۭا” (الفرقان 70).
🌸 خلاصة الرسالة:
- لا تستسلم للذنوب.
- لا تيأس مهما فعلت.
- لا تجعل الشيطان يقنعك بأنك بعيد عن الله.
- تذكّر دائمًا: الله يُحبك حين تعود إليه.
📌 همسة أخيرة:
كلما شعرت بثقل الذنب، قم وتوضأ، وارفع يديك، وقل من قلبك:
“اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عني”
ثم ابتسم، لأنك عدت إلى من لا يرد أحدًا خائبًا.