
جدول المحتويات
إن يوم عرفة هو أحد أعظم أيام العام في التقويم الهجري، يطلّ على الأمة الإسلامية محملاً بالرحمة والنفحات الإيمانية، ليكون محطة سنوية يتجدد فيها الأمل وتتجدد فيها القلوب بالتوبة والطاعات. هذا اليوم الذي يسبق عيد الأضحى المبارك، يصادف التاسع من شهر ذي الحجة، ويقف فيه الحجاج على جبل عرفة متضرعين إلى الله، بينما يتحرى غير الحجاج فضله في الصيام والدعاء.
لماذا يوم عرفة مميز؟
وردت في فضل هذا اليوم العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد عظيم مكانته عند الله تعالى. فقد قال النبي ﷺ:
“ما من يوم أكثر من أن يُعتِقَ الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة” رواه مسلم.
وفي حديث آخر:
“صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده” رواه مسلم.
هذه الأحاديث تضع يوم عرفة في مرتبة عالية بين أيام السنة، وتُشجّع المسلمين على اغتنامه بالعبادة والدعاء والإكثار من الذكر.

الوقوف بعرفة: ركن الحج الأعظم
في هذا اليوم، يجتمع ملايين الحجاج على صعيد عرفات من زوال الشمس حتى غروبها، وهو ما يُعرف بـ”الوقوف بعرفة”، وهو ركن لا يتم الحج بدونه. وقد وصفه النبي ﷺ بقوله:
“الحج عرفة.” – رواه الترمذي.
ويعيش الحجاج في هذا المشهد لحظات خشوع وبكاء وابتهال، يأملون فيها أن يعودوا كما ولدتهم أمهاتهم، وقد غُفرت ذنوبهم وتطهرت قلوبهم.
ماذا يفعل غير الحجاج؟
لغير الحجاج أيضًا نصيب عظيم من الأجر في هذا اليوم. من أهم الأعمال المستحبة:
- الصيام: لما فيه من تكفير الذنوب لسنتين.
- الدعاء: فهو من أعظم أيام استجابة الدعاء.
- الذكر والتكبير: لقول النبي ﷺ: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة.”
- الصدقة: ومساعدة المحتاجين من صور التقرب إلى الله.

يوم التوبة والتجديد الروحي
يوم عرفة ليس فقط مناسبة موسمية، بل هو فرصة لتجديد العهد مع الله، وفتح صفحة جديدة في الحياة. فهو يوم تعلو فيه الأرواح وتصفو فيه القلوب، وتتزين فيه الصفحات البيضاء في صحائف الأعمال.
رسالة من القلب
لكل مسلم ومسلمة، سواء كنتَ حاجًّا واقفًا على عرفات، أو في بيتك تتلو الدعاء وتصوم، لا تترك هذا اليوم يمر دون أن ترفَع يديك إلى السماء وتطلب من الله ما تُحب، وتُطهّر قلبك من كل ذنب وهمّ.
ختاما
في زحام الدنيا، يوم عرفة يأتينا كنسمة رحمة، ليدعونا لنقف وقفة صدق مع أنفسنا. هو يوم الرحمة، يوم العتق، يوم المغفرة، ويوم الاستجابة. فلا تضيّعوا فضله، وكونوا من العابدين الساعين لرضا الله.