عيد الأم: يوم الوفاء والتقدير لمن لا تُقدّر

في زحمة الحياة وتسارع الأيام، يبقى هناك قلب لا يكلّ ولا يملّ من العطاء، لا ينتظر المقابل، ولا يعرف معنى الراحة… إنها الأم. ويأتي “عيد الأم” كيوم عالمي للاحتفاء بتلك الروح الطاهرة التي سهرت وتعبت وربّت، بل قدّمت من روحها قبل جسدها، وسعادتها قبل راحتها.

تاريخ عيد الأم

عيد الأم 2025: أجمل عبارات وأفكار للاحتفال وتكريم الأم

تعود فكرة عيد الأم إلى العصور القديمة، حيث كان الإغريق والرومان يحتفلون بآلهة الأمومة مثل “ريا” و”سيبيل”، وكانت هناك طقوس ومناسبات تُقام تكريمًا للأمهات. أما في العصور الحديثة، فقد ظهرت فكرة عيد الأم في أوروبا، خاصة في إنجلترا، حيث كانوا يحتفلون بما يُعرف بـ”الأحد الأمومي” (Mothering Sunday)، وهو يوم يزور فيه الأبناء أمهاتهم ويقدّمون لهن الهدايا والزهور.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تم اعتماد عيد الأم بشكل رسمي بفضل جهود امرأة تُدعى “آنا جارفيس”، التي أرادت تكريم والدتها بعد وفاتها، وقامت بتنظيم حملة كبيرة لجعل يوم خاص بالأمهات. وبالفعل، في عام 1914، أعلن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون يوم الأحد الثاني من شهر مايو عيدًا رسميًا للأم.

متى يُحتفل بعيد الأم؟

يختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم من بلد إلى آخر، ففي العالم العربي يتم الاحتفال به في 21 مارس من كل عام، وهو اليوم الأول من فصل الربيع، وكأن الطبيعة أيضًا تحتفل بالأم في أبهى حُلَلها. أما في بعض الدول الغربية، كأمريكا وكندا، فيكون الاحتفال به في الأحد الثاني من شهر مايو.

لماذا نحتفل بعيد الأم؟

الاحتفال بعيد الأم ليس مجرّد طقس اجتماعي، بل هو تعبير رمزي عن الشكر والعرفان. الأم هي التي تزرع الحب في القلوب، وتغرس القيم في النفوس، وتحمل هموم أبنائها قبل أن يحملوها هم أنفسهم. وفي وقت قد تنشغل فيه الحياة وتُلهي الأبناء، يكون هذا اليوم فرصة لإيقاف الزمن لحظة، والاعتراف بالجميل.

الأم في الثقافة العربية والإسلامية

عيد الأم

في الثقافة العربية، للأم مكانة عظيمة، وقد تغنّى بها الشعراء على مر العصور، فقال حافظ إبراهيم:

“الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبًا طيب الأعراق”

لا يمكن الحديث عن عيد الأم دون التطرّق إلى مكانة الأم في الإسلام، فقد أعطاها القرآن الكريم والسنّة النبوية مكانة عظيمة، ورفع من شأنها، وبيّن فضلها على الأبناء والمجتمع. قال الله تعالى:

“ووصّينا الإنسان بوالديه، حملته أمه وهنًا على وهنٍ، وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير” لقمان 14.

و كما جاء في الحديث النبوي الشريف، إذ جاء رجل إلى النبي ﷺ يسأله: “من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟” فقال: أمك، قال: “ثم من؟” قال: أمك، قال: “ثم من؟” قال: أمك، قال: “ثم من؟” قال: “أبوك”.

ثلاث مرات يُذكر اسم الأم قبل الأب، لتُعطى مكانتها التي تستحقها بعد حمل، ووضع، ورضاعة، وتربية.

مظاهر الاحتفال بعيد الأم

تختلف مظاهر الاحتفال بعيد الأم من أسرة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى أخرى، لكن يبقى القاسم المشترك: المحبة والامتنان. ومن بين أبرز المظاهر:

  • تقديم الهدايا: سواء كانت وردة بسيطة أو هدية ثمينة، فالمعنى في التقدير لا في القيمة.
  • كتابة بطاقة شكر: يفضل البعض كتابة كلمات من القلب تعبر عن الحب والامتنان.
  • الخروج في نزهة: كثير من الأبناء يدعون أمهاتهم لتناول الطعام خارجًا أو قضاء وقت ممتع سويًا.
  • مفاجآت منزلية: كإعداد الفطور، أو تنظيف المنزل، أو تجهيز حفلة صغيرة داخل البيت.

كيف يمكننا إسعاد أمهاتنا في هذا اليوم؟

عيد الأم

ليس بالضرورة أن تكون الهدايا باهظة أو المظاهر فخمة، فالكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، والوقت الصادق، كلّها وسائل فعالة لإسعاد الأمهات. يمكن مثلاً:

  • الاتصال بها إن كانت بعيدة.
  • إرسال رسالة صوتية دافئة.
  • إعداد طعامها المفضل.
  • تسجيل فيديو قصير يحمل كلمات حب وتقدير.
  • تجميع صور قديمة وذكريات في ألبوم خاص.

عيد الأم ليس ليومٍ واحد!

رغم جمال الفكرة، فإن عيد الأم الحقيقي هو في كل يوم. الأم لا تنتظر يومًا في السنة لتشعر بالحب، بل تحتاج إلى دعم دائم، وكلمة طيبة، وسؤال صادق. فلو كان بإمكاننا أن نحتفل بها كل يوم، لما أوفينها حقها.

لمن فقدوا أمهاتهم

يأتي عيد الأم على البعض وهو يحمل جرحًا لا يندمل، وذكرى موجعة… لأولئك الذين فارقوا أمهاتهم، نقول: إن الأم لا تموت، بل تبقى في دعواتنا، في ملامحنا، في سلوكياتنا التي زرعتها فينا. يمكن إحياء ذكراها بالدعاء، والصدقة، وذكر فضائلها للناس.

الأم ليست فقط من ولدت

في بعض الحالات، قد يكون للأبناء أمهات غير بيولوجيات: خالة، جدة، زوجة الأب، معلمة، أو حتى امرأة وقفت موقف الأم في لحظة ما. لكل هؤلاء الحق في التكريم والامتنان. فالأمومة ليست بالولادة فقط، بل بالعطاء.

كلمات معبّرة للأم:

  • “كل عام وأنتِ النبض الذي يمنحني الحياة.”
  • “يا من سكنتِ القلب دون إذن، أحبك حبًا لا يُوصف.”
  • “في عيدكِ، كل الكلمات تخجل أن تعبّر عما في قلبي.”
  • “أنتِ جنتي في الدنيا، ونوري في الظلمة، وسندي حين أضعف.”

ختاما،

عيد الأم ليس مناسبة عابرة، بل تذكير سنوي بأن هناك شخصية أعطت دون أن تنتظر، وسهرت دون أن يُطلب منها، وضحت بلا شروط. فلنغتنم هذا اليوم لنعبر عن مشاعرنا، ولنعتذر عن تقصيرنا، ولنُشعر أمهاتنا بأن تعبهن لم يذهب هباءً.

ولنتذكر دائمًا: كل أم تستحق أن تُحتفل بها… كل يوم، وكل لحظة. 💐

أضف تعليق