
جدول المحتويات
في مشهد وداع حزين، أسدل الستار اليوم، الثلاثاء 3 يونيو 2025، على حياة واحدة من أعمدة الفن العربي، الفنانة المصرية القديرة سميحة أيوب، التي رحلت عن عمر يناهز 93 عاماً، بعد رحلة فنية استمرت أكثر من 77 عاماً، حفرت خلالها اسمها بأحرف من نور في تاريخ المسرح المصري والعربي.
وداع يليق بـ “سيدة المسرح”
أعلن حفيدها نبأ الوفاة صباح اليوم عبر منشور على صفحته الرسمية في “فيسبوك”، مؤكدًا إقامة صلاة الجنازة عقب صلاة العصر. وتوالت بيانات النعي من الأوساط الفنية والثقافية، حيث نعَت نقابة المهن التمثيلية الفنانة الراحلة، وعبّر نقيبها أشرف زكي عن حزنه الشديد لفقدان “رمز من رموز الفن المصري والعربي”.
من جهته، قدّم وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، التعازي باسم الوزارة، وأشاد بـ”الإرث الإبداعي والفكري الذي تركته سميحة أيوب، والذي سيبقى حيًّا في ذاكرة الشعوب العربية”.
من شبرا إلى قلوب الملايين
ولدت سميحة أيوب عام 1932 في حي شبرا بالقاهرة. التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت في دفعة أسسها المسرحي الكبير زكي طليمات عام 1953. بدأت التمثيل مبكراً في سن الخامسة عشرة من خلال فيلم “المتشردة” عام 1947، لتنطلق بعدها في رحلة طويلة قدّمت فيها أكثر من 170 عرضًا مسرحيًا.
من أشهر مسرحياتها: “رابعة العدوية”، “دماء على أستار الكعبة”، “سكة السلامة”، “أغا ممنون”، و”دائرة الطباشير القوقازية”، وهي أعمال رسّخت لقبها كـ”سيدة المسرح العربي” عن جدارة.

بصمات لا تُمحى في السينما والتلفزيون
رغم أن المسرح كان ملعبها الأوسع، إلا أن سميحة أيوب تركت بصمة واضحة على الشاشة الفضية أيضًا. من أبرز أفلامها: “أرض النفاق”، “فجر الإسلام”، “بين الأطلال”، و”مع السعادة”.
كما أبدعت في الدراما التلفزيونية، وشاركت في مسلسلات شهيرة مثل: “الضوء الشارد”، “أوان الورد”، “أميرة في عابدين”، و”المصراوية”، حيث جمعت بين الحضور الطاغي والقدرة على تجسيد أدوار مركبة بشغف نادر.
قيادة مسرحية وتكريمات عربية ودولية
شغلت أيوب مناصب إدارية مهمة، إذ تولّت إدارة “المسرح الحديث” من عام 1972 حتى 1975، ثم تولّت إدارة “المسرح القومي” لفترتين متتاليتين حتى 1989. كانت رمزًا للفن الرفيع والمؤسسة المسرحية القوية.
كرمتها دول عديدة، فحصلت على وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1966، وتكريم من أنور السادات في 1979، ووسام فرنسي بدرجة فارس من فاليري جيسكار ديستان عام 1977، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1983.
“بنحبك يا ريس”
لم تنقطع عن الظهور حتى آخر أيامها، فخلال مشاركتها في احتفالية “عيد الشرطة” في يناير 2024، وجهت كلمة مباشرة للرئيس عبد الفتاح السيسي، قالت فيها: “إحنا بنحبك يا ريس، وشعبك بيحبك. شكرًا على الأمن والأمان اللي إحنا عايشين فيه”، في لفتة عفوية عكست محبة الجمهور لها ومحبتها للوطن.

أيقونة الفن تتحدث عن نفسها
في عام 2003، أصدرت مذكراتها تحت عنوان “ذكرياتي“، سردت فيها محطات بارزة من حياتها الشخصية والفنية، ما بين الكواليس، النجاحات، والانكسارات.
وفي مطلع عام 2025، وصف الكاتب أيمن الحكيم في كتابه “أسطورة المسرح العربي”، الفنانة سميحة أيوب بأنها “سيدة الأرقام القياسية“، نظرًا لأنها صاحبة أطول مسيرة فنية متواصلة في تاريخ المسرح العربي.
إرث لا يُنسى
برحيل سميحة أيوب، فقد العالم العربي صوتًا مسرحيًا نادرًا، وموهبة فريدة، وإنسانة كرّست حياتها للفن والثقافة. لكنها، كما قال وزير الثقافة، “لن تغيب”، فصوتها وأدوارها وإرثها سيبقى حيًّا في الذاكرة الثقافية العربية.
وداعًا سميحة أيوب.. المسرح العربي يطوي صفحة من ذهب.