عاصفة رملية تعمّ السعودية: مشهد لا يُصدّق

في مشهد يشبه أفلام الكوارث، اجتاحت عاصفة ترابية هائلة منطقة القصيم وسط المملكة العربية السعودية يوم الأحد، محوّلة النهار إلى ليل دامس، ومعطّلة مظاهر الحياة بالكامل. وانتشرت لقطات مذهلة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر “جداراً من الغبار” يزحف بسرعة مخيفة، مكتسحًا كل ما في طريقه، ومغطياً السماء بلون برتقالي ساطع.

أفاد شهود عيان من القصيم أن العاصفة وصلت دون أي تحذير مسبق، وقال أحدهم: “كأن أحدهم أطفأ الأنوار، واختفت الرؤية تمامًا”، فيما وصف آخر المشهد بأنه “من وحي نهاية العالم”، حيث كانت الأشجار تتساقط كأحجار الدومينو.

عاصفة رملية تعمّ السعودية مشهد لا يُصدّق

ما هي العواصف الرملية؟

العواصف الرملية، أو العجاج كما يُطلق عليها في بعض المناطق، تحدث عندما تتسبب الرياح القوية برفع كميات كبيرة من الرمال والغبار من سطح الأرض إلى الهواء. وعادةً ما تحدث هذه الظاهرة في المناطق الصحراوية أو شبه الصحراوية، حيث تكون التربة جافة وغير مثبّتة بالنباتات.

ماذا حدث في السعودية؟

بحسب هيئة الأرصاد الجوية السعودية، فقد تشكّلت العاصفة نتيجة امتداد منخفض جوي قادم من الشمال الغربي، ترافقه رياح نشطة تجاوزت سرعتها 50 كم/س، ما أدى إلى إثارة الغبار والأتربة على نطاق واسع، خاصة في مناطق الرياض والقصيم والشرقية، ووصل تأثيرها حتى إلى مكة والمدينة.

وقد سجّلت الرؤية الأفقية انخفاضًا ملحوظًا في بعض المناطق، لتصل إلى أقل من 500 متر، مما أجبر العديد من الجهات الحكومية والتعليمية على تعليق الدوام أو تحويله إلى “عن بعد”، حفاظًا على سلامة المواطنين.

استنفار طارئ في السعودية والكويت والأردن

عاصفة رملية تعمّ السعودية مشهد لا يُصدّق

بالتزامن مع العاصفة في السعودية، أعلنت كل من الكويت والأردن حالة الطوارئ بعد أن تسببت الرياح العاتية والغبار الكثيف في اضطراب الحركة الجوية والبرية. أُجبرت رحلتان قادمتان من مصر إلى الكويت على الهبوط الاضطراري في مطار الدمام، وأغلقت السلطات الكويتية موانئ الشويخ والشعيبة لحماية العاملين والمنشآت.

السياحة تتضرر في الأردن.. وإجلاء طارئ من البتراء

في الأردن، أُجبر مئات السياح على إخلاء موقع البتراء الأثري الشهير بعد أن فاجأتهم السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة. كان في الموقع أكثر من 1700 زائر وقت تنفيذ خطط الطوارئ، وتم إخلاء معالم رئيسية مثل الخزنة والدير والسيق.

للأسف، لقيت سيدة بلجيكية وابنها حتفهما نتيجة الفيضانات في منطقة وادي النخيل قرب مدينة معان، بينما نجا اثنان من أطفالها. وتواصل فرق الإنقاذ عمليات البحث عن مفقودين في مناطق أخرى مثل الطفيلة والحسا.

تحذيرات رسمية واستعدادات لأسوأ السيناريوهات

أصدرت المركز الوطني للأرصاد في السعودية تنبيهات حمراء تشمل خمس مناطق، من بينها الرياض والمنطقة الشرقية، محذرًا من استمرار العواصف الرملية المصحوبة بالأمطار الغزيرة والبرد، واحتمالات الفيضانات حتى منتصف الأسبوع.

وفي الكويت، حذّرت إدارة الأرصاد الجوية من اضطرابات مناخية حادة نتيجة الانتقال الموسمي، ما يرفع من احتمالية العواصف الترابية والأمطار الرعدية.

مخاطر حقيقية على النقل البري والجوي

أوضح الخبير المناخي عبد الله المسند، الأستاذ السابق بجامعة القصيم، أن جدران الغبار السريعة قد يصل ارتفاعها إلى 2000 متر، وتتحرك بسرعات تفوق 100 كم/ساعة، ما يشكّل تهديداً مباشراً للمسافرين على الطرقات ووسائل النقل الجوي.

كيف يستعد الناس لمثل هذه العواصف؟

عاصفة رملية تعمّ السعودية مشهد لا يُصدّق

باتت العواصف الرملية جزءًا من الواقع المناخي في منطقة الخليج، ولذلك طوّرت الجهات المختصة خططًا للتعامل معها:

  • أنظمة إنذار مبكر عبر تطبيقات الهواتف.
  • حملات توعية عبر الإعلام ومواقع التواصل.
  • تعليمات للسائقين حول القيادة الآمنة أثناء ضعف الرؤية.
  • تجهيزات في المستشفيات لاستقبال الحالات الطارئة.

ماذا يجب أن تفعل إذا واجهت عاصفة رملية؟

في مثل هذه الظروف، من المهم اتباع الإرشادات التالية:

  • البقاء داخل المباني المغلقة قدر الإمكان.
  • إغلاق جميع النوافذ والأبواب بإحكام.
  • ارتداء كمامة أو غطاء وجه عند الاضطرار للخروج.
  • عدم القيادة إلا للضرورة القصوى.
  • متابعة أخبار الطقس والإرشادات الرسمية بشكل مستمر.

كلمة أخيرة

تكشف هذه العاصفة غير المسبوقة مدى هشاشة الحياة البشرية أمام قوى الطبيعة، وتذكّرنا بأهمية الاستعدادات المبكرة وأنظمة الإنذار السريع. في هذه الأوقات، تبقى السلامة أولوية قصوى، وينبغي الالتزام الكامل بالتعليمات الرسمية لتجنب أي خسائر إضافية.

أضف تعليق